Tuesday, July 18, 2006

كناسة العطّار

----------------------------------------------------------------
ارتجال الوداع
(إلى محمود درويش)
تم السناريو زي ما انت كنت عايز
ف النهايه ما انغلبتش
لما جاك الموت بنفسه
سبت كرسيك ليه عشان
ما يرمي زهرُه
كان ساعات بيغضّ نظره
حاشا لله
لو يسامحك كام دقيقه يمهلك
أو يضلّ طريقه من فرط الزحام
ويأجّلك
أسباب عديده ضمنها
غلطه مَهُوله ف القصيده
اما انقتلت ف كلّ مرّه
نسيت تموت
كان الحضور
ملء الغياب اللي نقص
وانت اللي رُحت تكمّله
أول ما نمت عشان تطير
. . . .
قبل المعاد كان اصطفاك
امّا ناداك البحر مرّه
ف عزّ ليلك
وانت بتردد تراتيلك
تحنّ لخبز أمّك ف الهزيع
قِدت قنديلك ونوّرت الحياه
كل حرف من البديع
التهب بالحب لمّا حلّ فيك
امتزج بالكون
وضمّيته تفتش ف الدروب
عن نهايات الجنوب
سبت نفسك تغمس الريشه وتغزل
بالدما الحكايات بسيرتك
والهوّيه
دمّك الطالع على الجدران
مع الفجر اللي شقشق
من أنامل أرض باحت لك
بأسرارها الكتير
العصافير
مدّت المناقير إليك
سال النشيد
وبنظره عمدّت الأسامي
م المطر ع البحر
من طعم الخريف والبرتقان
غيم الغموض الخفيف
ومن الحفيف
لحظة جماع البرق والأصوات
من بحّة النايات
ومن ظلّ المعاني:
التراب
هو امتداد الروح
والحصى جناحين
الإيدين
هيّا رصيف الجروح
الجسر برزخ مابين
منفى وخريطه للغياب
ومن الحنين
يشعّ زهر اللوز
تستلّ غصن من الغصون
ينسف دروع الفاتحين
. . . .
شايل على ضهرك صليبك
السراب حاديك تجيب بكره
تعيد للأمسِ إرث الذاكره
وف غفله منا ييجي بكره
يسرق الماضي ويرحل
الزمان الرخو يحضر
بالفداحه الفاجره
. . . .
ف الحصار
اتولدت من الغبار
أصغيت لنبضك ف الحصى
وعرفت صورتك م النزيف
ف العالم الطافي على القتلى
الشهيد
حاصرك وغوّط جوّا دمّك
والولد
كان الخريطه والجسد
بيعلّمك كام مرّه مات
موش عشان الخلد لكن
لجل بيحبّ الحياه والأمهات
تنولد
حرّه على أرض الوطن
خايف ليمتدّ الزمن ونصير
أسرى لدى فقه الحوار
وبكلّ حريّة نسلّم باختيار
للعبودية اللي ما تضرّش كتير
أو للإخاء المُخاتل
بين القتيل والقاتل
وانت عارف كالمعرّي إن البصيره
نور يؤدي للعدم والا الجنون
اكتب تكون
وافعل بدال ما تقول
يتحد
ف المعنى ضدّين بالقصيده
الحجر
ظلّه الصغيّر يترشق ف الطين
الجرح يبرق ف السما فلسطين
يصرّخ
للزتون والتوت
"بيروت خيمتنا ونجمتنا الوحيده"
السلاح هوّا المؤرّخ
يختفي المتفرجين
. . . .
كان مرادك تبقى حيّ
وموش مهم إزاي وفين
والحياه
موت قليل
يقهر الموت الكتير
لمّا خاب ظن العدم
وبقيت كما عاوز تكون
فكرة . .
حوار الحالمين
انت اللي مغرم بالرحيل
على أي ريح كانت وكاره للوصول
بتغافل العمر اللي جارح
وانت سارح ف القمر قبل الأفول
في لحظه ترتجل الوداع
يفلت خلودك من كمين الليل
ترحل
ويخضرّ السبيل

أغسطس 2008
----------------------------------------------------------------
الطابور
ينسلُّ من سريرهِ يسارعُ الخُطى
لكي يبارحَ الديارَ
الليلُ لمْلمَ الدِثارَ مُخلياً مكانَهُ
لطلّةِِ النهارِ
الميكروباصُ في انتظارِ
الاكتمالِ للوفودْ
. . . .
وقبلَ أن يؤوبَ للرصيفِ
في محطةِ القطارِ
يُزمعُ الوثوبَ للطريقِ
مثلما يغادرُ الجنودْ
. . . .
يصطفُ هاهنا
بشارعٍ مقابلِ السفارةْ
أمامَهُ بَشائرُ الطابورِ
عَلّهُ يفوزُ باستمارةٍ
يحوزُ لوْ لمرّةٍ
تأشيرةَ الزيارةْ
. . . .
:يراجعُ الأوراقَ في عنايةٍ
إضْبَارةُ التجنيدِ والتطعيمِ والميلادِ
إذنُ مكتبِ العملْ
صحيفةُ الجِنايةْ
إجازةُ القيادةْ
وثيقةُ السفرْ
! . . . وفي النهايةْ
يحارُ كيف جاءتْ هذه الشِهادةْ ؟
مُذْ عادَ حاملاً لها تراقصتْ)
،دروبُ القريةِ الضنينةِ
الهناءُ رَفَّ فوقَ أُمِّهِ
تمتنُّ للسماءِ بالإشارةْ
أبوهُ طافَ بالبيوتِ في انتشاءٍ
. . . فاخرَ العبادْ
(كأنّها بِشارةُ البَكارةْ
. . . .
:يدُسّها بظُلمةِ الثيابِ ناصحاً مهدِّئاً
الوقتُ لم يحنْ إذنْ -
. . كي تكشفينَ جوهرَكْ
(يُحدَّدُ السلاحُ حسبَ كلِّ معترَكْ)
. . . .
يفيقُ والفتى الذي أمامَهُ
:يقولُ بابتسامةٍ
من أي قريةٍ أتيتَ يا بَطَلْ ؟ -
السفرةُ الأولى . . أكيدْ ؟ -
:يجِسُّ مَنْكِبيهِ واثقاًً
هذانِ يصمُدَانِ للتعذيبْ -
. . . .
يئوُدُهُ الحَديثُ قبلَ أن يُجيبَ
:بعد أن تعكَّرَ المِزاجْ
. . . مبالغاتٌ حَقُّها التكذيبُ -
كادَ أن يُزيدَ عندما
:تذكَّرَ الأمثولةَ اللصيقَةْ
نسيرُ بالكُرباجِ في الحقيقةْ
. . . .
يَحلُّ صمتٌ باردٌ كئيبْ
يحسُّ أنّه يجاوزَُ اللياقةْ
يحوّل الحديثَ في لباقةٍ
عن آخرِ المبارياتِ
دافعاً في كفِّهِ الصحيفةْ
مستأذناً وهامساً في أذُنهِ
...... ليحفظَ المكانَ ريثما
. . . .
يعود’ للطابورِ بعدَ ساعةٍ
:يثورُ من ورائهِ صياحُ الاستياءْ
! الدَوْرُ يا جماعةْ -
! . . . استغفرُ اللهَ العظيمْ -
تَبَخَّرَ الحياءُ -
لاذَ بالرفيقِ بينما
رآهُ خلفَ صفحةِ المبارياتِ لا يريمُ
في الخَفَاءِ جفّفَ العَرقْ
وارتدَّ للوراءِ يرْقُبُ الزَنيمَ في دَهَشْ
. . . .
أجالَ ناظريه في الصفوفِ
والكفوفُ كلُّها تمتدُّ بالورقْ
يخالُها مواكبَ العَطَشْ
يغوصُ في الشُجونْ
(كم شِدَّةٍ تهونُ حينَ يُمنحُ الزيارةْ)
يستخرجُ القُصاصةَ الصغيرةْ
من جيبِه يطالعُ الإعلانَ
:مرّةً أخيرةْ
جماعةُ الجزيرةْ)
للأمنِ والحراسةْ
:تريدُ من يجيدُ هذه الوظائفْ
حراسُ أمنٍ
عاملو نظافةٍ
(موظفُ استقبالْ
يا حبَّذا لو فازَ بالأخيرةْ
لكنه بأي حالٍ يقبلُ الموجودَ
بالفُتاتِ تُجْمَعُ المُهورْ)1)
لا بأسَ من مهانةٍ قليلةٍ
اعتادها في مركزِ التجنيدِ)
والمخافرِِ، المُحصّلينَ، مَنْفذِ التموينِ
(سائقي السيرفيسِ والمستشفياتْ
كم حارَ في فاتورةِ العلاجِ والدواءِ
بلْ حوائجِ البقاءِ إذ غدا
لا يملكُ التحديقَ في الوجوهِ
والعيونُ تستديرُ نحْوَهُ
عساهُ يستطيعَ الانتماءَ للشُطّارِ
في ربوعِ قريتِهْ
يعودُ بالنُضَارِ لو تطولُ غُربتُهْ
،ينادمُ الصمودَ، الانتظارَ
الاصطبارَ لا يَحِيدُ
يحتمي بنعمةِ النسيانِ والكتمانِ
تَمنحُ الطعامَ للصغارْ
. . . .
تندُّ منهُ آهةً فآهةً
يقاومُ التنهيدَ مغمضاً مُستمسكاً بحُلمهِ
:يَطِنُّ هاتفٌ كأنَّهُ من آخرِ الأفلاكِ مُنْذِراً
توقّفَ الطابورُ، أُغْلِقَ الشُبّاكْ -
. . . .
،يخورُ ساعداهُ تَسقُطُ الأوراقْ
تدورُ رأسُهُ
يَمَسُّ جيبَهُ بكَفِّهِ
يُحِسُّها هناكَ . . يبدأُ المسيرْ
أغسطس 2007

(1) :إشارات
" يقول حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين، باب آداب الأكل: "إن التقاطَ الفتاتِ مهورُ الحورِ العينْ"
----------------------------------------------------------------
عَرْضُُ الختامْ
تلقَّفَهُ النهرُ، تلطُمهُ صفحتُهْ
يغوصُ قليلاً ويصعدُ للسطحِ
يغرِفُ بعضَ الهواءْ
تراوِدُه سُبحةُ الذكرياتِ
تنخّلَ بعضَ الخيالاتِ منها
فيهفو إلى ابنتيهِ وزوجِهْ
يستجلبُ الدفءَ من نورِهنَّ
ليسقينَ نبعاً من الحُبِّ كالحُلمِ
كادَ يغيضْ
. . . .
تهاجرُ من روحِهِ القَسَمَاتُ
ويقفزُ في الماءِِ وجهٌ كريهٌ
لذاكَ العقيدْ
فيغتالُ فَجْراً تجلّى لعينِ الطريدْ
وقد قُلِبَ الوجهُ حينَ أطلا
بثلاجةِ القسمِ
(1) حيثُ تدلّى
ورجلاهُ مربوطتانِ لأعلى
وقد غُلَّ بالعُنُق ثُقْلٌ يُشدُّ
فينقصمُ الظهرُ حين يُمَدُّ
ويهوي إلى الأرضِ
تقفزُ أحذيةُ الجندِ فوقَهْ
تهشِّمُ منهُ الضلوعْ
فيصرخُ يصرخُ لا من سميعْ
. . . .
يجاهدُ أن يثقلَ الجسمَ كيما يَحُطُّ
إلى القاعِ يجرعُ بعضَ المياهْ
يفكرّ في أمّهِ، زوجِهِ
وكيف هو الحالُ من دونهِ
وكيف لها أنْ تسيرَ الحياةْ؟
هُتافُ ابنتيه: أبي لا تغيبْ
يودُّ يجيبُ
فيصعدُ، يُفرِغُ ما قد تجرّعَ
يشهقُ
ينشِجُ في نوبةٍ من نحيبْ
تُردّدُ أنّاتِهِ الأشرعةْ
يعاينُ هذي الضفافَ وذاكَ المَحَلا
لقد زارها قبلُ كانتْ معهْ
عروسُهُ حينَ استقلاَ
بُعيدَ الزفافِ من الشطِّ
إحدى المراكبِ ليلا
وتَرْعِشُ أضواؤها الباهرةْ
فترقصُ طفلةْ
تصاحبُها ضرباتُ الأكفِّ
،صفيرُ الشبابِ وإيقاعِ طبلَةْ
تميلُ وتقفزُ، يقتادُها الجمعُ
يَجزَعُ حينَ يراها
على حافةِ الزورق المائلةْ
يرومُ الفِرارَ إلى الضِفَّةِ الماثلةْ
من الصَخَبِ والضجّةِ الهائلةْ
. . . .
هي الآنَ ملفوفةٌ بالضبابْ
وتخلو سوى من كلابٍ تطاردُ ظلاَّ
وأشجارُ نبقٍ دنا للقطافْ
يجاهدُ إذ يزمعُ الاقترابْ
ويفركُ عينيه يجلوهُما
ليشهدَ فوقَ المياهِ
خليطاً من المُهْمَلاتِ، الزجاجاتِ
والعُلبِ الفارغةْ
بألوانها الزاهياتِ
حطامٌ وأشلاءُ طيرٍ
حذاءٌ، بقايا ثيابٍ
تُرى حلَّ صاحبُها مثلُهُ
نزيلاً بإحدى المخافرْ؟
. . . .
تخورُ ذراعاهُ، يُلقي برأسِهْ
إلى الخلفِ يستنهضُ الخاصِرةْ
يعوّمُ رجلاهُ
يرقدُ فوقَ المياهِ وعيناهُ
صوبَ السماءْ
طيورٌ تحلِّقُ، يتبعُها والجَناحْ
يروضُ الرياحَ
يبادلُ أفُقاً بأفقٍ قديمْ
ويهجرُ ذاكَ الزمانَ السقيمْ
. . . .
تبادرُهُ قَطَراتُ المطرْ
لتغسلَ أحزانَه الغائرةْ
(كما اعتادَ طفلاً)
وتفرشُ أنحاءَهُ بالورودِ
تُراهُ الخريفُ أحبُّ الفصولْ
يثيرُ لديه شجونَ الرحيلْ
يراودُ شهوتَهُ للكتابةِ
يحلُم بالقادمِ المستحيلِ
. . . .
يفكّرُ تنخَسُهُ رُكبتاهُ
يفيقُ على ذلكَ الوجهِ
ترقدُ في كفَّه خُصيتاهُ
ليفرُكَهُما كيفَ شاءْ
فيصّاعدُ الألمُ المستطيرُ
يعلَّقُ أرجََله في الهواءِ
بمِرْوَحةِ السقفِ
ثمّ تدورُ، تدورُ
وينهالُ سيلٌ من اللكماتِ
وركلِ الحذاءْ
كعوبُ البنادقِ تسحقُ رأسَهْ
وتهوي على ركبتيهِ
فتنسحبُ الروحُ، يسقطُ
تُحشى الجروحُ
بملحٍ يبولُ الجنودُ
عليهِ فيشتعلُ الجُرحُ
تغلي دماهُ، يسيلُ الصديدْ
يخورُ كثورٍ ذبيحْ
. . . .
يهتزّ عند التذكُّرِ
يهرُبُ للقاع لا من مفرْ
تعودُ المياهُ إلى جوفهِ
وبعضُ الحشائشِ
طميٌ يغطّي الخياشيمَ، لا يتنفسُ
يغطَسْ
يلوحُ لهُ وجهُها في المياهِ
عراهُ الذبولْ
:بعينينِ مُتعبتينِِ تقولْ
أنا في انتظاركَ
(قد عاهدَ الأمَّ ألاّ يغيبَ ولا ينكسرْ)
ينيخُ فيمنحُها الارتواءْ
برغمِ المشيخِ تجاهدُ من أجلهِ للبقاءْ
يئوبُ إلى حِجرِها في المغيبْ
تمسّدُ شعرَهْ
وتحزنُ إذ يعتريهِ المشيبْ
. . . .
فيصعدُ، يصعدُ، ينشُقُ بعضَ الهواءْ
يكادُ يعومُ إلى البرِّ
يضربُ في الماءِ كلتا يديهِ
فيدميه نزعُ الأظافرِ
يُعشيه دفنُ السجائرِ في مَحْجَريهِ
ويسمعُ صوتَ ارتطامٍ رهيفٍ
وبعضُ الرذَاذِ يدغدغُ وجهَهْ
فيلفتُ رأسَهْ
لتبرُقَ فِضَّةْ
ويمرُقُ جسمٌ صغيرٌ
إلى الماءِ، تعلوهُ بعضُ الدوائرِ
يقطَعُها الموجٌ حين يلوحُ
على البعدِ ماخِرْ
. . . .
يسرّحُ عينيه كي يستميلَ
مُحيّا الحبيبةِ حينَ يهِلُّ
تُطلُّ، يرِقُّ، تُخالطُ رُوحَهْ
فيبكي ويختلطُ الدمعُ بالماءِ
يغمضُ عينيهِ، يعصِرْهُما
ليحضِنَ صورتَها الهائمةْ
ويبلعُ ريقَه
يحسُّ الملوحةَ تدمي فمَهْ
مكانَ القروحِ التي خلَّفَتها
دوائرُ سلكٍ أحاطَ اللسانَ
وبالأنفِ، أُدْخِلَ أسفلَ بطنِهْ
لتصطكَ أسنانُهُ تتهشَّمُ
تُرْعِدُهُ هِزّةُ صاعقةْ
ومن خلفِه الثاقبُ الكهربي
يديرُ القضيبَ، يحطِّمُ آخرَ حِصنٍ لديهِ
فيصرخُ، يصرخُ، يصرخُ
. . . .
مازالَ هذا الصراخُ
يرنُّ صداهُ، يزلزلُ نفسَهْ
فيدفنُ رأسَهْ
يحيطُ بها قبضتيهِ ليثقلُ، يثقلُ
يغوصُ وقد أنهكتهُ الصورْ
تخورُ قواهُ، يعِبُّ من الماءِِ
حتى يَغَصُّ
ويشرِقُ حَلقومُهُ بالدماء
كما دفعوا رأسَه ذاتَ يومٍ)
(بحوضٍ من البوْلِ حتى اختنقْ
يفكِّرُ هل ما تزالُ الهُوَّيةُ
تسكنُ جيبَهْ
لكي يعرفوهُ ولا يتأخرُ زفُّ النبأْ
فينزلُ، ينزلُ، يدفعُ جسمَه
وتدهَمَهُ الظلمةُ الغامرة
وينسرِبُ الضوءُ من ناظريهِ
يشِفُُّ البياضُ رويداً رويداً
يلُفُّ المكانَ فيَبْطُءُ نبضُهْ
وتجحَظُ عينيهِ
ينبثقُ الدمُ من أذنيهِ ومن مَنْخِرِيهِ
ويسكُنُ جَسَدُهْ
فينسابُ للقاعِ تُرخَى اليدان
ْوتصعدُ للسطح فُقَّاعتان
مارس 2007

شعر: أسامة فرحات

إشارات
(1) هكذا يسمون غرفة التعذيب بأقسام الشرطة في مصر
---------------------------------------------------------------

مكارم سلطانيّة في
الحضرة الرمضانيّة

إنّا لا نحولُ بين الناسِ وألسِنَتِهمْ
ما لم يحولوا بيننا وسلطاننا
معاوية ابن أبي سفيان
بحلولِ شهرِ الصومِ
ينتصبُ السرادقُ والعصائبُ، يبتدي
دقُّ البشاير والخلائقُ تكتسي
بالزعفرانِ، يعلِّّقُ الزيناتِ
أربابُ الضياءِ وفي المساءِ
يُعمَّرُ القنديلُ والفانوسُ
يوقدُه المشاعليّةْ
تسعى المواكبُ
يَعْقِدُ الأذكارَ أربابُ الأشايرِ
تشتعلُ النفوطُ ويُطلِقُ الساروخَ
بالساحاتِ أربابُ الملاعيبِ
المَساخرُ والمُخايلُ والحبيظيّة
يقفُ الدوادارُ الأريبُ
:بدارةِ الإنشاءِ يوعزُ للخطيبْ
قبلَ الحديثِ عن الصيامْ
يستوجبُ الأمرَ
،إتقاءُ النوّةِ الهوجاءِ من جهةِ العوامْ
لمؤدَّبي الكتّابِ والعرِّيفِ
تسطيرُ المآثرِ والمفاخرْ
. . . . .
ويرنُّ في كلِّ الأزقِّةِ والحواري
:صوتُ المنادي الجهْوَري
حلّ المِعادُ "
بغُرّةِ الشهرِ الكريمْ
وبأمرِ هِنكارِِ البلادْ
عالي العمادِ وكائدِ الحسّادْ
قد عُدِّل الفرمانُ يمكنُ للعبادْ
أن يحلُموا بتولّي أمرِ السلطنةْ
وتحسّنِ الأحوالِ غيرِ الممكنةْ
لا جورَ في الأسواقِ لا من عَتْرَساتْ
لا من مجامعَ أو مشاهرَ، لا يجبْ
هرشُ الدراهمِ أو ضماناتُ الغواني
تُلغى الجبايةُ والمكوسْ
(إلا إذا احتاجَ الأكارمُ للفلوسْ)
والبشارةُ للجميعِ
بعودةِ البُطّالِ والشُلاّقِ والمحلولْ
رفعُ الجوامكِ والرواتبْ
جلبُ الدواليبِ الطواقيمِ الآلاتْ
للترسخاناتْ
صرفُ الحوائجِ والمطالبْ
ويحرَّمُ البقشيشُ للطُرَحَاءْ
كلُّ المرادِ من الكلارجيّة
ومباشري الأختامْ
أن يجمعوا مالَ الزكاةِ إلى الرعيّةِ
وإذا تأخّرَ لا مفرَ من التذرّعِ بالسخُامْ
سلطانكم وبموجبِ الفرَمانِ
قد منحَ الأمانَ، لسائر الدَهْماءْ
حقَّ الإشارةْ
إحكِ ولا تعمد إلى شقِّ العصا
ولتجتنبْ فُحشَ العبارةْ
من يكرهَ السلطانَ أو يلعنْهُ في سرِهْ
ويغتابَ الأميرَ فقد عصى
ومصيرُهُ التكحيلُ والتوسيطُ والتسْميرْ
ويُحرّمُ التشهيرُ للورّاقِ واليازجي
فإن طالَ المِدادْ
ذممَ البطانةِ والحُمولْ
أو شابتْ الصحفَ المعاني
فعقابُه التجريسُ أو زفُّ المغاني
وليطلُبَنَّ المغفرةْ
أويدخُلَنَّ قوائمَ الترسيمِ ثمّ المعصرةْ
وله الخيارُ بالانتقادِ أو الهجاءِ
لناظرِ النظّارِ، رأسِ الميسرةْ
:ويذيّلُ الفرمانَ آخرُ أسطرِه
ويجوزُ للحرافيشِ والأوباشِ
(من قد أفطراَ)
أكلُ الحشيشِ وزهرةِ الخشخاشِ
كي يتذوقوا
في السرِ بعضَ السلطنةْ
وعلى جميعِ السامعينْ
رفعُ الأيادي بالدعاءْ
"لمقامِه العالي . . آمين
. . . . . .
ويوسوسُ الخُدَّامُ والخُلَصَاءْ
في مَغْطَسِ الحمّامِ عن قربِ اختفاءْ
كلِّ الألاضيش الكبارِ
من الصقورِ الناحلاتِ الرأسْ
تتركُ عُشَّها
للفَرخِ من خُضرِ المخالبْ
يعلو النفيرُ على الزحامِ
الهمسُ في الخاناتِ والحاناتِ
عن قربِ التخلّي للأميرِ عن اللجامْ
والسوطِ من ذيلِ البعيرْ
:ويبادرُ السلطانُ للجمع الغفير
لا لن يكونَ الإبنُ بعد أبيهْ
في التختِ أو فوقَ السريرْ
هو لمْ يعيّنْ نائباً أو أصبهند)
(لصحبتِه
من قال إنَّ الصولجانَ
! سيستقرُّ بقبضته
وتمرُّ أيامٌ وأيامٌ
وينشغلُ الجميعْ
بأمورِ عيشِهمِ المُريعْ
وبرفعِ أسعارِ الحَطَبْ
يبقى الرهانُ على ضعافِ الذاكرةْ
وبنعمةِ النسيانِ أو طولِ الحِقَبْ
في الآخرةْ
يحبو الأتابكُ يرتقي
ينسلُّ كالثعبانِ يصعدْ
درجَ الخِلافةِ في اتئاد
والأبُّ أفسدَ رأسَه طولُ العنادْ
سودُ الوساوسِ والذُهَانْ
والآن صارَ إذا التقى بضيوفِه
لا يستقرُ من المُكارشةِ الطويلةِ والعناقْ
فإذا أفاقَ تفرُّ منه مخارجُ الكلماتِ
أو ينسى الرفاقْ
. . . . . .
ويعود لَغْطُ السوقِ عمن يَخْلُفَهْ؟
من يا تُرى؟ هوَ نفسُهُ
من يرتدي في القصرِ سربالَ الفتوةْ
أثنى عليه وباركَهْ
وبكلِ قوّة
شيخُ المناسرِ في الولايات البعيدةْ
بعضُ الغُلاميّاتِ تشهدُ أنّهُ
لم يعرِفِ النوباتِ والهَبّاتِ منذُ طفولتِهْ
قد خاصمَ الفقراءَ
أُُرجف أنه يغشى يبلّلُ ثوبَه إنْ خاشَنهْ
أو زارَ نوْمَتَهُ أحدْ
قيل ارتعدْ
من سيرةِ الغيلانِ إلا أنّه حين ابتعدْ
عن صحبةِ الغلمانِ في نُزلِ الطواشيّة
وبلا حميّةْ
خالطَ الأمراءَ قسراً
فتوَثبّ الأعمالَ والإتلافَ للأملاكِ والأهراءِ
(أموالِ الرعيّةِ)
والبواقي من خَراجٍ أو هلاليّةْ
كي ينهلَ الأصحابُ والأحبابُ منها
والمعيّةُ
لكنَّهُ مازال ينفى أنهُ يسعى
للبسِ الجُبّةِ السوداءْ
. . . . .
ويعاودُ الخصيانُ بثَّ الوسوسةْ
عن حقِّ ابنِّ الناسِ أن يُختارْ
كجميع أبناء الديارْ
وهو الأثيرُ لدى أبيه وعينُ أمّه
يعلو على الباقين قيراطاً وسهماَ
قد أصقلته دُرْبَةُ القصرِ
الخبايا والدسائسُ
في السلاملكِ والحرملكِ
والدهاليز الطويلةِ زادَ فهماَ
وتعلّم المكرَ السديدَ ورافقَ الكَسَّابةْ
هو من ربيبةِ ذلكَ العهدِ السنيِّ
عليه سيماءُ النجابةْ
لا يعرفُ البؤسَ الذي يكسو الوجوهْ
أو لدغةَ الجوعِ المميتةِ للبطونْ
قد أخطَأَتْهُ كوارثُ السفرِ العبورْ
لم يحملِ الطاعونَ أو داءَ الطيورِ
ولا حَسَدْ
إن سار يوماً في النواحي
مثلما فعلَ الولاةُ السابقونْ
تنسدُّ من كلّ المناحي
تندسُّ في الساحِ العيونُ
وفي المداخلْ
تخلو الدروبُ لأجلهِ
من كل نائحةٍ ومحرومٍ وسائلْ
أولى المهامُ بعهدهِ
أن يستميلَ لحزبهِ
قاضي القضاةِ وصاحبَ الشرطةْ
فمرادُه حفظُ النظامِ ونُصفةُ الأعيانْ
ويقرِّبُ الأحداثَ والأجلابَ
يرفعُ شأوَها ْ
وينفِّذُ الفرمانَ إلا ما نهى
مستوفيَ الصحبةِ أن يُرخي الحبالْ
للزُعرِ والغوغاءْ
ويهادنُ الإفرنجَ مثلَ أبيهِ يدمنُ الارتحالْ
في كلِّ عامْ
إلى ديارِ الرومِ بُغيةَ الاختلاءِ بحضرةِ
القطبِ السندْْ
ليزيدَ من قَدْرِ المَدَدْ
والشرطُ: عندَ مقايضةْ
سلعِ الديارِ بما يَردْ
يُستبدلُ الإفرنتي بالدينارْ
ويحرَّمُ استخلاصُ أرضِ الأنبياءْ
من هؤلاءِ البزْرَجَانيّة
لا حربَ لا جَبَخانةْ
الجيشُ والأجنادُ تصبحُ طَبْلَخانةْ
والبيادقُ للبوارقْ
فيسرحُ الينكرجي والمستحفِظانْ
والخيلُ للأوشاقِ أو للرقصِ
في عيدِ الجلوسِ أو الرِهانْ
كلُّ المكاحلِ والمدافعِ تنطلقْ
لا في البيكارِ أوالمعاركِ
إنّما في المهرجانِ
وموعدِ الإفطارِ والإمساكِ
بالشهرِ المباركْ
أحياكُم المولي الكريمُ بكلِ عامْ
حَظِيَ الأتابِكُ باللجامْ
وعلى الجواميسِِ السلام
ْ
سبتمبر 2006
شعر: أسامة فرحات
حاشية
.العصائب: الرايات العظيمة
.دقّ البشاير: تجهيز المكان للاحتفال
أرباب: وتعني أصحاب (الحرف) فمنهم أرباب الضوء، وهم الأشخاص المكلفون بأعمال الإضاءة وأرباب الملعوب، وهم أصحاب الملاهي وأرباب الأشاير، وهم متعهدو الاحتفالات
.المشاعلية: جمع مشاعلي وهو من يوقد القناديل والفوانيس بالمشاهد والحارات
.حرق النفوط وإشعال الساروخ: من مظاهر الاحتفال ومازال الأطفال حتى وقتنا هذا يمارسون بعضها في رمضان
.المساخر: جمع مسخرة وهي ألعاب لإضحاك الناس
.المُخايل: الرجل الذي يدير لعبة خيال الظل
.الحبيظي: الحاوي الذي يقدّم ألعاباً سحرية بخفة اليد
.الدوادار: صاحب الدواة وحاملها للسلطان الذي يقوم بإبلاغ الرسائل عنه
.دارة الإنشاء: أو (ديوان الإنشاء) وهو الديوان المخصص لكتابة الرسائل، وقد سمى ديوان الرسائل في العصر العباسي، ثم ديوان المكاتبات
.هنكار: سلطان، وتعني أيضاً من يوهم زملاءه في العمل بالهمة والنشاط وأنه صاحب حظوة لدى الرؤساء
.عترسة: الشراسة في الخلق ومنها الفتونة
.المجامع والمشاهر: جمع مجامعة ومشاهرة وهي ضريبة أسبوعية تُفرض على باعة الخضروات وأصحاب الدكاكين
.مكوس: وهي كل ما تحصّل من الأموال لديوان السلطان أو لأصحاب الإقطاعات أو لموظفي الدولة خارجاً عن الخراج الشرعي ومفردها مكس
هرش الدراهم: الهرش أن يُبرَد من الدرهم الذي زنته نصف حتى يخص ويصير وزنه ربع درهم فأضر ذلك بحال الناس فأمر الأمير الكبير بإبطال المعاملة بالعدد واستقرت المعاملة بها وزنًا لا عددًا
.ضمانات المغاني او الغواني: وهي إتاوة تفرض على الأفراح والمغنين والراقصين فيما يشبه حالياً ضرائب الملاهي
.الأكارم: اسم أطلق على أرباب المال والصيارفة في العصور الوسطى، وكان يطلق قديماً على تجار البهار والتوابل
.البُطَّال: جمع بَطّال وهو العاطل الذي أدركته البطالة
.الشُلاّق: جمع شالق وهو الموظف المتقاعد لاضطراب عقله ومن معانيه أيضاً الزعر والرعاع الذين يضايقون الناس في الطرقات ويدخلون الخوف في قلوبهم
.المحلول: هو من فصل من الخدمة أو أُخذت منه وظيفته
.الدواليب: وهي الآلات العجلية المستعملة في الزراعة والصناعة عموماً ومفردها دولاب
.الطواقيم: مجموعة الآلات أو الأدوات المتعلق بعضها ببعض التي تستعمل معاً بترتيب خاص ولا تصلح إلا متكاملة ومفردها طاقم أو طقم
.الترسخانات: جمع ترسخانة وتعني دار الصناعة، وهي لفظ تركي تم تعريبه بلفظ الترسانة
.الطُرَحَاء: هم الفقراء أو الضعفاء من الشعب
.الكلارجية: جمع كلارجي وهو مسؤول التموين بالدولة
مباشري الأختام: أطلق هذا اللقب على موظفين أشبه بموظفي الجمارك في العصر الحالي، يقومون بمراقبة الوارد والصادر من البضائع، ويفرضون عليه مكوساً تختلف باختلاف الأحوال، ثم يختمون البضاعة بخاتم خاص دلالة على استيفاء المكس
.التذرّع بالسُخام: تلطيخ الأذرع بالسخام، وهو الفحم وسواد القدر، وذلك إظهاراً للحزن
التكحيل والتوسيط والتسمير: هي ألوان من العقوبات شاعت في العصرين العثماني والمملوكي فالتكحيل هو فقأ العيون والتوسيط هو فصل الجسد بالسيف من الوسط والتسمير هو الصلب
.اليازجي: الكاتب
.الحُمول: ومفرده حمل وهو ما يحمل إلى السلطان من محصول إقليم نوعاً أو عيناً، وكذلك ما يحمله المحكوم عليه عدلاً أو ظلماً من الأموال إلى خزائن السلطان
.زفّ المغاني: هو اجتماع الناس حول فرد والغناء بغرض التشهير
.الترسيم: وجمعه تراسيم، وهو الأمر الذي يصدر من الجهة المختصة لعقوبة شخص بوضعه تحت المراقبة
.ناظر النظار: ويسمى أيضاً ناظر الدواوين أو الصاحب الشريف ومقره ديوان النظر
.رأس الميسرة: كبير الأمراء المتقدمين في السن من أكابر أمراء المائة، وهم أمراء المشورة
.الحرافيش: جمع حرفوش وهو الحرفي الصغير
.زهرة الخشخاش: يستخرج منها الأفيون
.الألاضيش: جمع ألضاش وهو الرفيق في الطريق كما تطلق على الرفاق في الحزب الواحد
.الخانات: أماكن العبث واللهو ومفرده خان ومن معانيه أيضاً الوكالة أو الفندق
.التخت: مقعد، وتخت الملك وهو عبارة عن منبر من رخام بصدر إيوان السلطان الذي يجلس فيه
.أصبهند: كلمة تطلق على النائب ويسمى أيضاً وزير الصحبة
.الأتابك: الولد الأمير، ومن معانيه أيضاً القائد العام
.المُكارشة: هي أن يلتقي الوافد بالشخص المستقبل له والمسلم عليه فيلصق كل منهما بطنه ببطن الآخر ويقبله بحركات رشيقة
.المناسر: جمع منسر وهو جماعة اللصوص الذين كانوا يدخلون البلدة شاهرين ورافعين للسلاح إلى الأسواق الغنية فيسلبونها وينهبونها ثم يخرجون سالمين
.الغُلاميّات: الجوارى يلبسن لباس الغلمان
.النوبات: ومفردها نوبة وهي الوقعة الحربية
.الطواشيّة: وهم الخصيان الذين استخدموا في الطباق المملوكية، وفي الحريم السلطاني، وكانت لهم حرمة وافرة وكلمة نافذة، ويعد شيخهم من أعيان الناس
.الأهراء: (السلطانية) وهي المخازن التي تخزن فيها الغلال الخاصة بالسلطان ولا تفتح إلا في حالات الشدة والمجاعات
.هلاليّة: صفة للمال الذي يحصّل شهرياً، نسبة إلى التقويم الهجري والشهور القمرية
.لبس الجبّة السوداء: كناية عن تقلد الولاية
.ابن الناس: هو ابن المملوك المعتق
.الكسّابة: هم الذين ينتهزون فرصة الفتن للنهب، أو فرصة الحروب لجمع الغنائم
مستوفي الصُحبة: هو من يقوم باستيفاء الصحبة وهو التحدث في جميع أمور المملكة، فيقوم مستوفي الصحبة بكتابة مراسيم يُعلِّم عليها السلطان تتعلق بإدارة الأعمال داخل وخارج البلاد
.الأحداث: هم المماليك الحديثو العهد بالخدمة
.الأجلاب: هم المماليك الذين كان السلطان يشتريهم لنفسه
.الزُعر: الرعاع
.الإفرنتي: عملة الإفرنج
.البزراجانية: البازرجان التاجر بالفارسية، انتقلت إلى التركية، ثم صارت لقباً لليهود
.جَبَخانة: مكان حفظ الأسلحة والذخائر
.طَبْلَخانة: الفرقة الموسيقية السلطانية
.الينكرجي: الجيش الجديد وبخاصة عنصر المشاة
.المستحفظان: عساكر الاحتياط إذا استدعوا إلى الخدمة العسكرية
.الأوشاق: مفردها أوشاقى أو أوجاقى، وهي فرقة من خدم السلطان عملها ركوب الخيل للتسيير والرياضة
.المكاحل: هي المدافع التي يرمى عنها النفظ.البيكار: الحرب
----------------------------------------------------------------------------
صباحٌ برائحة الياسمين
يستعذبون مناياهم كأنهمُ
لا يبأسونَ من الدنيا إذا قُتلوا
قَوْمٌ إذَا وعدوا أَوْ أَوْعَدُوا غَمرُوا
صدقاً ذوائبَ ما قالُوا بما فعلـُوا
أبو تمّام
بشائرُ النهارِ في تمّوز
تفُضُّ باقتدارْ
محارةَ العيونْ
(لاستفيقَ، عامداً قبلَ الظهيرة تركتُ فُرجةَ الستارْ)
فالساعةُ البكماءُ قد خَبَتْ
من بعد سقطةٍ أخيرةْ
استمرئُ المنامْ
يصّاعدُ النباحُ من حناجرِ الكلابْ
! لا مَفَرَّ من قيامْ
والذبابْ
يطنُّ في انتظارْ
إنْ أفتحَ الشُبّاكْ
يجئُ ساحباً بعضَ الغبارْ
(من يكنسونَ الحيَ يطلقونَهُ نِكَايةً في هَوْجةِ الأسعارْ)
. . . .
أحسستُ شيئاً غامضاً هذا الصباح
جاء النسيمُ مُفعماً بالياسَمينْ
الصحوُ يستبي السماءْ
لولا قليلٌ من غمامةْ
بوجهها الثلجي
تراودُ البقاءَ بابتسامةْ
. . . .
أسيرُ في الأزقّةْ
الجوُّ عامرٌ بالهَمْهَمَاتْ
لا مِنْ أيادٍ تُمَدُ للسؤالِ لا مشاحناتْ
لا هَسْهَساتِ للتجّارْ
كي يَغْنَموا بصفقةْ
شئٌ غريبٌ
يرتديه الكونُ في هذا النهارْ
كأنما السماءْ
تعيرُ سَمْعها أخيراً
لحَشْرَجاتِ هذه المدينةْ
لا حاجةٌ لوصفةِِِ الدواءْ
(متاعبُ الهضمِ القديمةْ تحَامَتْ الأمعاءْ)
ما أشتهيهِ الآنَ هدأةَ السكينةْ
وأنْ أعودَ في المساءْ
أداعبُ الأطفالَ كيفما أشاءْ
. . . .
تقودني خُطاي
. . لمقهايَ الأثيرْ
(حديقةُ الجُندول)
النادلُ المعهودُ إذْ يراني
أهُمُّ بالدخولْ
يجئ حاملاً كرسيّاً
لجِلستي المعتادةْ
في ظُلَّةِ الكافورْ
:يضيفُ هامساً وباسماً
. . . الشايُ بالحليبْ
أم قهوةٌ زيادةْ؟
استريبْ
من فائضِ الترحيبِ والتهذيبْ
عنْ غيرِ عادةْ
ودون أن أجيبْ
أشرتُ نحو كوبْ
يلوحُ بين كفِّهِ المقلوبْ
. . . .
على الرصيفْ
كانت عصافيرٌ ترشرشُ
الغناءَ ثم تلقطُ الفُتاتْ
ورفرفاتُ سِربٍ من حمامْ
يطيرُ هارباً
من الرَمْضَاءِ للغَمامْ
تلوح ُمن وراءِ الواجهاتْ
الطاولاتْ
النردُ والدومينو ولا من قرقعاتْ
اللاعبونَ اليومَ لا يبادرونَ
بالنِكاتْ
هذا النهارْ
يلفُّ تحتَه السكونْ
. . . .
أجولُ في المكانْ
أراقبُ العيونَ كلَّها تطلُّ بانتباهْ
ترنو إلى فيروزْ
قيثارةِ الإلهْ
:فتلمعُ الجباهْ
(قلتلن بلدنا عم يخلق جديد لبنان الكرامة والشعب العنيد)
كتابةٌ في أسفلِ الشريط
:تضئ في المرناةْ
مباشرٌ من المنارْ
ونحنُ في انتظارْ
حديثِِ نصرُ الله

يوليو 2006

شعر: أسامة فرحات
-------------------------------------------------------------------------

3 Comments:

Blogger Aladdin said...

رائعة المدونة ... هنيئا لك بها وهنيئا لنا بك ..

إلى تواصل قريب ان شاء الله.

11:46 AM  
Blogger firebird said...

شكراً يا عزيزي والفضل لك في كل هذا وأرجو أن اراك ب Windows Messenger

4:20 AM  
Blogger Aladdin said...

في انتظارك أيضا وإلى تواصل دائما ان شاء الله ..

10:52 PM  

Post a Comment

<< Home